وقد يدخل بعضهم فى ( الاتحاد المطلق والقول بوحدة الوجود ) فيعتقد أن اللّه هو الوجود المطلق، كما يقول صاحب ( الفتوحات المكية ) في أولها :
الرب حق والعبد حق ** ياليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك ميت ** أو قلت رب أنى يكلف
وقسم ثالث مُعْرِضون عن عبادة اللّه وعن الاستعانة به جميعا.
وهم فريقان : أهل دنيا وأهل دين، فأهل الدين منهم هم أهل الدين الفاسد الذين يعبدون غير اللّه، ويستعينون غير اللّه بظنهم وهوَاهم :﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى ﴾ [ النجم : ٢٣ ]، وأهل الدنيا منهم الذين يطلبون ما يشتهونه من العاجلة بما يعتقدونه من الأسباب.
واعلم أنه يجب التفريق بين من قد يعرض عن عبادة اللّه والاستعانة به، وبين من يعبد غيره ويستعين بسواه.
فصل
قال الله ـ عز وجل ـ فى أول السورة :﴿ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين ﴾ [ الفاتحة : ٢ ] فبدأ بهذين الاسمين : الله، والرب.
و ( الله ) هو الإله المعبود، فهذا الاسم أحق بالعبادة؛ ولهذا يقال : الله أكبر، الحمد لله، سبحان الله لا إله إلا الله.
و ( الرب ) هو المربى الخالق الرازق الناصر الهادى. وهذا الاسم أحق باسم الاستعانة والمسألة؛ ولهذا يقال :﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ﴾ [ نوح : ٢٨ ]، ﴿ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [ الأعراف : ٢٣ ]، ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ﴾ [ القصص : ١٦ ]، ﴿ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا ﴾ [ آل عمران : ١٤٧ ]، ﴿ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ]، فعامة المسألة والاستعانة المشروعة باسم الرب.