ثم انتقل إلى خطاب بنى إسرائيل وقصة موسى معهم، وضمن ذلك تقرير نبوته، إذ هو قرين محمد، فذكر آدم الذى هو أول، وموسى الذى هو نظيره، وهما اللذان احتجا، وموسى قتل نفساً فغفر له، وآدم أكل من الشجرة فتاب علىه، وكان فى قصة موسى رد على الصابئة ونحوهم ممن يقر بجنس النبوات ولا يوجب اتباع ما جاؤوا به، وقد يتأولون أخبار الأنبياء، وفيها رد على أهل الكتاب بما تضمنه ذلك من الأمر بالإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وتقرير نبوته، وذكر حال من عَدَل عن النبوة إلى السِّحْر، وذكر النسخ الذى ينكره بعضهم، وذكر النصارى وأن الأمتين لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم. كل هذا فى تقرير أصول الدين من الوحدانية والرسالة.
ثم أخذ ـ سبحانه ـ فى بيان شرائع الإسلام التى على ملة إبراهيم، فذكر إبراهيم، الذى هو إمام، وبناء البيت الذى بتعظيمه يتميز أهل الإسلام عما سواهم، وذكر استقباله، وقرر ذلك؛ فإنه شعار الملة بين أهلها وغيرهم؛ ولهذا يقال : أهل القبلة، كما يقال :( من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم ).
وذكر من ( المناسك ) ما يختص بالمكان، وذلك أن الحج له مكان وزمان، و ( العمرة ) لها مكان فقط، والعكوف والركوع والسجود شرع فيه، ولا يتقيد به، ولا بمكان، ولا بزمان، لكن الصلاة تتقيد باستقباله، فذكر ـ سبحانه ـ هذه الأنواع الخمسة : من العكوف، والصلاة، والطواف، والعمرة، والحج، والطواف يختص بالمكان، ثم أتبع ذلك ما يتعلق بالبيت من الطواف بالجبلين، وأنه لا جُنَاح فيه؛ جوابا لما كان عليه الأنصار فى الجاهلية من كراهة الطواف بهما لأجل إهلالهم لمناة، وجوابا لقوم توقفوا عن الطواف بهما.


الصفحة التالية
Icon