ثم أتبع ذلك بالنهى عن أكل الأموال بالباطل، وأخبر أن المحرم نوعان : نوع لعينه كالميتة، ونوع لكسبه كالربا والمغصوب. فاتبع المعنى الثابت بالمحرم الثابت تحريمه لعينه، وذكر فى أثناء عبادات الزمان المنتقل الحرام المنتقل؛ ولهذا أتبعه بقوله :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ ﴾ الآية [ البقرة : ١٨٩ ]، وهى أعلام العبادات الزمنية، وأخبر أنه جعلها مواقيت للناس فى أمر دينهم ودنياهم وللحج؛ لأن البيت تحجه الملائكة والجن، فكان هذا أيضا فى أن الحج موقت بالزمان كأنه موقت بالبيت المكانى؛ ولهذا ذكر بعد هذا من أحكام الحج ما يختص بالزمان، مع أن المكان من تمام الحج والعمرة.
وذكر المُحْصَر، وذكر تقديم الإحلال المتعلق بالمال وهو الهدى عن الإحلال المتعلق بالنفس وهو الحلق، وإن المتحلل يخرج من إحرامه فيحل بالأسهل فالأسهل؛ ولهذا كان آخر ما يحل عين الوطء [ فى المطبوعة : الوطئ ـ والصواب ما أثبتناه ]، فإنه أعظم المحظورات ولا يفسد النسك بمحظور سواه.
وذكر ( التمتع بالعمرة إلى الحج ) لتعلقه بالزمان مع المكان؛ فإنه لا يكون متمتعاً حتى يحرم بالعمرة فى أشهر الحج، وحتى لا يكون أهله حاضرى المسجد الحرام ـ وهو الأفقى ـ فإنه الذى يظهر التمتع فى حقه لترفهه بسقوط أحد السفرين عنه، أما الذي هو حاضر فسيان عنده تمتع أو اعتمر قبل أشهر الحج، ثم ذكر وقت الحج، وأنه أشهر معلومات، وذكر الإحرام والوقوف بعرفة ومزدلفة؛ فإنه هذا مختص بزمان ومكان؛ ولهذا قال :﴿ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ﴾ [ البقرة : ١٩٧ ]، ولم يقل :( والعمرة ) لأنها تفرض فى كل وقت، ولا ريب أن السنة فرض الحج فى أشهره، ومن فرض قبله خالف السنة، فإما أن يلزمه ما التزمه كالنذر ـ إذ ليس فيه نقد للمشروع، وليس كمن صلى قبل الوقت ـ وإما أن يلزم الإحرام ويسقط الحج ويكون معتمراً، وهذان قولان مشهوران.


الصفحة التالية
Icon