والصواب ما عليه السلف من اللغة الموافقة لما فى القرآن ـ كما سأذكره ـ أن كليهما قياس وتمثيل واعتبار، وهو فى قياس التمثيل ظاهر، وأما قياس التكليل والشمول فلأنه يقاس كل واحد من الأفراد بذلك المقياس العام الثابت فى العلم والقول، وهو الأصل، كما يقاس الواحد بالأصل الذى يشبهه، فالأصل فيهما هو المثل، والقياس هو ضرب المثل، وأصله ـ والله أعلم ـ تقديره، فضرب المثل للشىء تقديره له، كما أن القياس أصله تقدير الشىء بالشىء، ومنه ضرب الدرهم وهو تقديره، وضرب الجزية والخراج وهو تقديرهما، والضريبة المقدرة والضرب فى الأرض، لأنه يقدر أثر الماشى بقدره، وكذلك الضرب بالعِصِىّ لأنه تقدير الألم بالآلة، وهو جمعه وتأليفه وتقديره، كما أن الضريبة هى المال المجموع والضريبة الخلق، وضرب الدرهم جمع فضة مؤلفة مقدرة، وضرب الجزية والخراج إذا فرضه وقدره على مر السنين، والضرب فى الأرض الحركات المقدرة المجموعة إلى غاية محدودة، ومنه تضريب الثوب المحشو وهو تأليف خلله طرائق طرائق.
ولهذا يسمون الصورة القياسية الضرب، كما يقال للنوع الواحد : ضرب؛ لتألفه واتفاقه، وضرب المثل لما كان جمعاً بين علمين يطلب منهما علم ثالث، كان بمنزلة ضراب الفحل الذى يتولد عنه الولد؛ ولهذا يقسمون الضرب إلى ناتج وعقيم، كما ينقسم ضرب الفحل للأنثى إلى ناتج وعقيم، وكل واحد من نوعى ضرب المثل ـ وهو القياس ـ تارة يراد به التصوير وتفهيم المعنى، وتارة يراد به الدلالة على ثبوته والتصديق به، فقياس تصور وقياس تصديق، فتدبر هذا.
وكثيراً ما يقصد كلاهما، فإن ضرب المثل يوضح صورة المقصود وحكمه. وضرب الأمثال فى المعانى نوعان، هما نوعا القياس :


الصفحة التالية
Icon