وهذه الأمثال تارة تكون صفات، وتارة تكون أقيسة، فإذا كانت أقيسة فلابد فيها من خبرين هما قضيتان وحكمان، وأنه لابد أن يكون أحدهما كلياً؛ لأن الأخبار التى هى القضايا لما انقسمت إلى معينة ومطلقة وكلية وجزئية، وكل من ذلك انقسم إلى خبر عن إثبات وخبر عن نفى، فضرب المثل الذى هو القياس لابد أن يشتمل على خبر عام وقضية كلية، وذلك هو المثل الثابت فى العقل الذى تقاس به الأعيان المقصود حكمها، فلولا عمومه لما أمكن الاعتبار لجواز أن يكون المقصود حكمه خارجاً عن العموم؛ ولهذا يقال : لا قياس عن قضيتين جزئيتين، بل لابد أن تكون إحداهما كلية، ولا قياس أيضا عن سالبتين، بل لابد أن تكون إحداهما موجبة، وإلا السلبان لا يدخل أحدهما فى الآخر، لابد فيه من خبر يعم.
وجملة ما يضرب من الأمثال ستة عشر؛ لأن الأولى إما جزئية وإما كلية، مثبتة أو نافية، فهذه أربعة إذا ضربتها فى أربعة صارت ستة عشر، تحذف منهما الجزئيتين سواء كانتا موجبتين أو سالبتين، أو إحداهما سالبة والأخرى موجبة، فهذه ست من ستة عشر، والسالبتين سواء كانتا جزئيتين أو كليتين، أو إحداهما دون الأخرى، لكن إذا كانتا جزئيتين سالبتين فقد دخلت فى الأول، يبقى ضربان محذوفين من ستة عشر. ويحذف منهما السالبة الكلية الصغرى مع الكبرى الموجبة الجزئية؛ لأن الكبرى إذا كانت جزئية لم يجب أن يلاقيها السلب، بخلاف الإيجاب، فإن الإيجابين الجزئيين يلتقيان، وكذلك الإيجاب، الجزئى مع السلب الكلى يلتقيان لاندراج ذلك الموجب تحت السلب العام.