الحمد لله، نكاح الكتابية جائز بالآية التى فى المائدة قال تعالى :﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ ﴾ [ المائدة : ٥ ]، وهذا مذهب جماهير السلف والخلف من الأئمة الأربعة وغيرهم، وقد روى عن ابن عمر؛ أنه كره نكاح النصرانية، وقال : لا أعلم شركا أعظم ممن تقول : إن ربها عيسى ابن مريم.
وهو اليوم مذهب طائفة من أهل البدع، وقد احتجوا بالآية التى فى سورة البقرة وبقوله :﴿ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾ [ الممتحنة : ١٠ ]، والجواب عن آية البقرة من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن أهل الكتاب لم يدخلوا فى المشركين، فجعل أهل الكتاب غير المشركين، بدليل قوله :﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [ الحج : ١٧ ].
فإن قيل : فقد وصفهم بالشرك بقوله :﴿ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [ التوبة : ٣١ ]، قيل : أهل الكتاب ليس فى أصل دينهم شرك؛ فإن الله إنما بعث الرسل بالتوحيد، فكل من آمن بالرسل والكتب لم يكن فى أصل دينهم شرك، ولكن النصارى ابتدعوا الشرك، كما قال :﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [ يونس : ١٨، والروم : ٤٠، والزمر : ٦٧ ]، فحيث وصفهم بأنهم أشركوا فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذى لم يأمر الله به، وحيث ميزهم عن المشركين، فلأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التى جاءت بالتوحيد لا بالشرك.