فإنه فى معرض الذم، فذكر غايته وذكر ما يقابله وهم الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتاً من أنفسهم.
فالأول الإخلاص.
والتثبيت : هو التثبت كقوله :﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴾ [ النساء : ٦٦ ]، كقوله :﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴾ [ المزمل : ٨ ]، ويشبه ـ والله أعلم ـ أن يكون هذا من باب قدم وتقدم كقوله :﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [ الحجرات : ١ ] فتبتل وتثبت لازم بمعنى ثبت... [ هنا كلمات غير متضحة ] لأن التثبت هو القوة والمكنة، وضده الزلزلة والرَّجْفَة، فإن الصدقة من جنس القتال، فالجبان يرجف، والشجاع يثبت؛ ولهذا قال النبى ﷺ :( وأما الخيلاء التى يحبها الله فاختيال الرجل بنفسه عند الحرب، واختياله بنفسه عند الصدقة ) لأنه مقام ثبات وقوة، فالخيلاء تناسبه، وإنما الذى لا يحبه الله المختال الفخور البخيل الآمر بالبخل، فأما المختال مع العطاء أو القتال فيحبه.
وقوله :﴿ من أنفسهم ﴾ أى : ليس المقوى له من خارج كالذى يثبت وقت الحرب لإمساك أصحابه له، وهذا كقوله :﴿ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾ [ الشورى : ٣٧ ]، بل تثبته ومغفرته من جهة نفسه.
وقد ذكر الله ـ سبحانه ـ فى البقرة والنساء الأقسام الأربعة فى العطاء.
إما ألا يعطى فهو البخيل المذموم فى النساء، أو يعطى مع الكراهة والمن والأذى، فلا يكون بتثبيت وهو المذموم فى البقرة، أو مع الرياء فهو المذموم فى السورتين، فبقى القسم الرابع : ابتغاء رضوان اللّه وتثبيتاً من أنفسهم.


الصفحة التالية
Icon