بخلاف الأشفاع فى الذم كالإفك والإثم، والاختيال والفخر، والشح والجبن، والإثم والعدوان؛ فإن الذم ينال أحدهما مفرداً ومقروناً، لأن الخير من باب المطلوب وجوده لمنفعته، فقد لا تحصل المنفعة إلا بتمامه، والشر يطلب عدمه لمضرته وبعض المضار يضر فى الجملة غالباً؛ ولهذا فرق فى الأسماء بين الأمر والنهى، والإثبات والنفى، فإذا أمر بالشىء اقتضى كماله، وإذا نهى عنه اقتضى النهى عن جميع أجزائه؛ ولهذا حيث أمر الله بالنكاح ـ كما في المطلقة ثلاثًا حتى تنكح زوجًا غيره، وكما في الإحصان - فلابد من الكمال بالعقد والدخول، وحيث نهى عنه ـ كما فى ذوات المحارم ـ فالنهى عن كل منهما على انفراده، وهذا مذهب مالك وأحمد المنصوص عنه أنه إذا حلف ليتزوجن لم يَبَرَّ إلا بالعُقْدَة والدخول، بخلاف ما إذا حلف لا يتزوج فإنه يحنث بالعقدة، وكذلك إذا حلف لا يفعل شيئاً حنث بفعل بعضه، بخلاف ما إذا حلف ليفعلنه، فإن دلالة الاسم على كل وبعض تختلف باختلاف النفى والإثبات.
ولهذا لما أمر الله بالطهارة والصلاة والزكاة والحج كان الواجب الإتمام، كما قال تعالى :﴿ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ﴾ [ البقرة : ١٢٤ ] وقال :﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ﴾ [ النجم : ٣٧ ].
ولما نهى عن القتل والزنا والسرقة والشرب كان ناهياً عن أبعاض ذلك، بل وعن مقدماته ـ أيضاً، وإن كان الاسم لا يتناوله فى الإثبات؛ ولهذا فرق فى الأسماء النكرات بين النفى والإثبات، والأفعال كلها نكرات، وفرق بين الأمر والنهى بين التكرار وغيره، وقال ﷺ :( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شىء فاجتنبوه ).
وإنما اختلف فى المعارف المنفية على روايتين، كما فى قوله : لا تأخذ الدراهم، ولا تكلم الناس.
وَقَالَ شيخ الإِسلام أبو العباس تقى الدين ابن تيمية ـ قدس الله روحه ونور ضريحه :