وكلام الناس في هذا الاسم ومسماه كثير؛ لأنه قطب الدين الذي يدور عليه، وليس في القول اسم علق به السعادة والشقاء، والمدح والذم، والثواب والعقاب، أعظم من اسم الإيمان والكفر؛ ولهذا سمى هذا الأصل :( مسائل الأسماء والأحكام )، وقد رأيت لابن الهيصم فيه مصنفًا في أنه قول اللسان فقط، ورأيت لابن الباقلاني فيه مصنفًا أنه تصديق القلب فقط، وكلاهما في عصر واحد، وكلاهما يرد على المعتزلة والرافضة.
والمقصود هنا أن السلف كان اعتصامهم بالقرآن والإيمان. فلما حدث في الأمة ما حدث من التفرق والاختلاف صار أهل التفرق والاختلاف شيعًا. صار هؤلاء عمدتهم في الباطن ليست على القرآن والإيمان، ولكن على أصول ابتدعها شيوخهم عليها يعتمدون في التوحيد والصفات والقدر والإيمان بالرسول وغير ذلك، ثم ما ظنوا أنه يوافقها من القرآن احتجوا به، وما خالفها تأولوه؛ فلهذا تجدهم إذا احتجوا بالقرآن والحديث لم يعتنوا بتحرير دلالتهما، ولم يستقصوا ما في القرآن من ذلك المعنى؛ إذ كان اعتمادهم في نفس الأمر على غير ذلك، والآيات التي تخالفهم يشرعون في تأويلها شروع من قصد ردها كيف أمكن؛ليس مقصوده أن يفهم مراد الرسول، بل أن يدفع منازعه عن الاحتجاج بها.


الصفحة التالية
Icon