قال جماهير المفسرين : هو القرآن. روى ابن أبي حاتم بإسناده عن الربيع بن أنس قال : هو الفرقان فرق بين الحق والباطل. قال : وروى عن عطاء ومجاهد ومِقْسَم وقتادة ومقاتل بن حَيَّان نحو ذلك، وروى بإسناده عن شيبان، عن قتادة في قوله :﴿ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ ﴾ قال : هو القرآن الذي أنزله اللّه على محمد، ففرق به بين الحق والباطل، وبين فيه دينه وشرع فيه شرائعه، وأحل حلاله وحرم حرامه، وحد حدوده، وأمر بطاعته ونهى عن معصيته. وعن عباد بن منصور : سألت الحسن عن قوله تعالى :﴿ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ ﴾ قال : هو كتاب بحق.
و [ الفرقان ] مصدر فرق فرقانًا مثل الرجحان، والكفران، والخسران، وكذلك [ القرآن ] هو في الأصل مصدر قرأ قرآنا، ومنه قوله :﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ [ القيامة : ١٧ـ ١٩ ]، ويسمى الكلام المقروء نفسه [ قرآنا ] ـ وهو كثير ـ كما في قوله :﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [ النحل : ٩٨ ]، كما أن الكلام هو اسم مصدر كلم تكليما، وتكلم تكلما، ويراد به الكلام نفسه؛ وذلك لأن الإنسان إذا تكلم كان كلامه بفعل منه وحركة هي مسمى المصدر، وحصل عن الحركة صوت يقطع حروفًا هو نفس التكلم، فالكلام والقول ونحو ذلك يتناول هذا وهذا؛ ولهذا كان الكلام تارة يجعل نوعًا من العمل إذا أريد به المصدر، وتارة يجعل قسيمًا له إذا أريد ما يتكلم به، وهو يتناول هذا وهذا. وهذا مبسوط في غير هذا الموضع.


الصفحة التالية
Icon