وتارة يخدم هؤلاء لهؤلاء في أغراضهم، وهؤلاء لهؤلاء في أغراضهم، فالجن تأتيه بما يريد من صورة أو مال أو قتل عدوه، والإنس تطيع الجن، فتارة تسجد له، وتارة تسجد لما يأمره بالسجود له، وتارة تمكنه من نفسه، فيفعل به الفاحشة، وكذلك الجنيات منهن من يريد من الإنس الذي يخدمنه ما يريد نساء الإنس من الرجال، وهذا كثير في رجال الجن ونسائهم، فكثير من رجالهم ينال من نساء الإنس ما يناله الإنسي، وقد يفعل ذلك بالذُّكْران.
وصرع الجن للإنس هو لأسباب ثلاثة : تارة يكون الجني يحب المصروع فيصرعه ليتمتع به، وهذا الصرع يكون أرفق من غيره وأسهل.
وتارة يكون الإنسي آذاهم إذا بال عليهم، أو صب عليهم ماء حارًا، أو يكون قتل بعضهم أو غير ذلك من أنواع الأذى، وهذا أشد الصرع، وكثيرًا ما يقتلون المصروع.
وتارة يكون بطريق العبث به كما يعبث سفهاء الإنس بأبناء السبيل.
ومن استمتاع الإنس بالجن : استخدامهم في الإخبار بالأمور الغائبة، كما يخبر الكهان، فإن في الإنس من له غرض في هذا؛ لما يحصل به من الرياسة والمال وغير ذلك، فإن كان القوم كفارًا- كما كانت العرب- لم تبال بأن يقال : إنه كاهن كما كان بعض العرب كهانًا، وقدم النبي ﷺ المدينة وفيها كهان، وكان المنافقون يطلبون التحاكم إلى الكهان، وكان أبو أيرق الأسلمي أحد الكهان قبل أن يسلم، وإن كان القوم مسلمين لم يظهر أنه كاهن، بل يجعل ذلك من باب الكرامات، وهو من جنس الكهان، فإنه لا يخدم الإنسي بهذه الأخبار إلا لما يستمتع به من الإنسي، بأن يطيعه الإنسي في بعض ما يريده، إما في شرك، وإما في فاحشة، وإما في أكل حرام، وإما في قتل نفس بغير حق.


الصفحة التالية
Icon