وقد احتج ابن أبي ليلى وأبو يوسف على ذلك بقوله تعالى :﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ﴾ [ الأنعام : ١٣٢ ]، وقد ذكر الجن والإنس : الأبرار والفجار في الأحقاف والأنعام. واحتج الأوزاعي وغيره بقوله تعالى :﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ﴾ [ الرحمن : ٧٤ ]، وقد قال تعالى في الأحقاف :﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ﴾ [ الآيتان : ١٨، ١٩ ]، وقد تقدم قبل هذا ذكر أهل الجنة، وقوله :﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ ﴾ [ الأحقاف : ١٦ ]، ثم قال :﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : درجات أهل الجنة تذهب علوًا ودرجات أهل النار تذهب سفلا، وقد قال تعالى عن قول الجن :﴿ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ﴾ [ الجن : ١١ ]، وقالوا :﴿ وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ﴾ [ الجن : ١٤، ١٥ ]، ففيهم الكفار والفساق والعصاة، وفيهم من فيه عبادة ودين بنوع من قلة العلم كما في الإنس، وكل نوع من الجن يميل إلى نظيره من الإنس، فاليهود مع اليهود، والنصارى مع النصارى، والمسلمون مع المسلمين، والفساق مع الفساق، وأهل الجهل والبدع مع أهل الجهل والبدع.