وكذلك الصوفية، عظموا جنس الإرادة إرادة القلب، وذموا الهوى وبالغوا في الباب، ولم يميز كثير منهم بين الإرادة الشرعية الموافقة لأمر اللّه ورسوله، وبين الإرادة البدعية، بل أقبلوا على طريق الإرادة دون طريقة النظر، وأعرض كثير منهم فدخل عليهم الداخل من هاتين الجهتين؛ ولهذا صار هؤلاء يميل إليهم النصارى ويميلون إليهم، وأولئك يميل إليهم اليهود ويميلون إليهم، وبين اليهود والنصارى غاية التنافر والتباغض.
وكذلك بين أهل الكلام والرأي، وبين أهل التصوف والزهد تنافر وتباغض، وهذا وهذا من الخروج عن الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.
نسأل اللّه العظيم أن يهدينا وسائر إخواننا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم اللّه عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، آمين.