الثاني : ألا يحزن عليهم ولا يجزع عليهم؛ فإن معاصيهم لا تضره إذا اهتدى، والحزن على ما لا يضر عبث، وهذان المعنيان مذكوران فى قوله :﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [ النحل : ١٢٧ ].
الثالث : ألا يركن إليهم، ولا يمد عينه إلى ما أوتوه من السلطان والمال والشهوات، كقوله :﴿ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ﴾ [ الحجر : ٨٨ ]، فنهاه عن الحزن عليهم والرغبة فيما عندهم فى آية، ونهاه عن الحزن عليهم والرهبة منهم فى آية، فإن الإنسان قد يتألم عليهم ومنهم، إما راغبا وإما راهباً.
الرابع : ألا يعتدى على أهل المعاصي بزيادة على المشروع فى بغضهم أو ذمهم، أو نهيهم أو هجرهم، أو عقوبتهم، بل يقال لمن اعتدى عليهم : عليك نفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت، كما قال :﴿ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ ﴾ الآية [ المائدة : ٨ ]، وقال :﴿ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [ البقرة : ١٩٠ ]، وقال :﴿ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [ البقرة : ١٩٣ ]، فإن كثيراً من الآمرين الناهين قد يتعدى [ فى المطبوعة : يعتدى : والصواب ما أثبتناه ] حدود اللّه، إما بجهل وإما بظلم، وهذا باب يجب التثبت فيه، وسواء في ذلك الإنكار على الكفار والمنافقين والفاسقين والعاصين.
الخامس : أن يقوم بالأمر والنهي على الوجه المشروع، من العلم والرفق، والصبر، وحسن القصد، وسلوك السبيل القصد؛ فإن ذلك داخل في قوله :﴿ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ﴾ وفى قوله :﴿ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾.