وقال تعالى :﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [ يونس : ٦٢-٦٤ ]، وقال تعالى :﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [ الأنعام : ٣٤ ]، فأخبر في هذه الآية أيضاً أنه لا مبدل لكلمات اللّه، عقب قوله :﴿ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ﴾، وذلك بيان أن وعد اللّه الذي وعده رسله من كلماته التى لا مبدل لها، لما قال فى أوليائه :﴿ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ﴾ فإنه ذكر أنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأن لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة، فوعدهم بنفي المخافة والحزن، وبالبشرى في الدارين.
وقال بعد ذلك :﴿ وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ﴾، فكان فى هذا تحقيق كلام اللّه الذي هو وعده، كما قال :﴿ فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ﴾ [ إبراهيم : ٤٧ ]، وقال :﴿ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [ الروم : ٦ ]، وقال المؤمنون :﴿ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [ آل عمران : ١٩٤ ]. فإخلاف ميعاده تبديل لكلماته، وهو ـ سبحانه ـ لا مبدل لكلماته.