سورة التوبة
وقال :
قد يستدل بقوله :﴿ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ ﴾ [ التوبة : ٢٣ ]، على أن الولد يكون مؤمنًا بإيمان والده؛ لأنه لم يذكر الولد فى استحبابه الكفر على الإيمان، مع أنه أولى بالذكر، وما ذاك إلا أن حكمه مخالف لحكم الأب والأخ. وهو الفرق بين المحجور عليه لصغره وجنونه، وبين المستقل، كما استدل سفيان بن عُيَيْنَةَ وغيره بقوله :﴿ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ ﴾ [ النور : ٦١ ]، أن بيت الولد مندرج فى بيوتكم؛ لأنه وماله لأبيه.
ويستدل بقوله :﴿ وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا ﴾ [ النساء : ٧٥ ]، على أن إسلام الوليد صحيح؛ لأنه جعله من جملة القائلين قول من يطلب الهجرة، وطلب الهجرة لا يصح إلا بعد الإيمان، وإذا كان له قول فى ذلك معتبر كان أصلا فى ذلك، ولم يكن تابعًا، بخلاف الطفل الذى لا تمييز له؛ فإنه تابع لا قول له.
سُئِلَ ـ رَحِمَهُ الله ـ عن قوله تعالى :﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ ﴾ [ التوبة : ٣٠ ]، كلهم قالوا ذلك أم بعضهم ؟ وقول النبى ﷺ :( يؤتى باليهود يوم القيامة فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : العزير ) الحديث. هل الخطاب عام أم لا ؟.
فأجاب :
الحمد لله، المراد باليهود جنس اليهود، كقوله تعالى :﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ ﴾ [ آل عمران : ١٧٣ ]، لم يقل جميع الناس، ولا قال : إن جميع الناس قد جمعوا لكم، بل المراد به الجنس.


الصفحة التالية
Icon