ومنهم من إذا نزل به شدة لا يدعو إلا شيخه قد لهج به كما يلهج الصبى بذكر أمه. وقد قال تعالى للموحدين :﴿ فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [ البقرة : ٢٠٠ ]، وقد قال شعيب :﴿ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ ﴾ [ هود : ٩٢ ]، وقال تعالى :﴿ لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ﴾ [ الحشر : ١٣ ].
سئل شيخ الإسلام عن معنى قوله تعالى :﴿ لَقَد تَّابَ الله على النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ ﴾ الآية [ التوبة : ١١٧ ]. والتوبة إنما تكون عن شيء يصدر من العبد، والنبي ﷺ معصوم من الكبائر والصغائر.
فأجاب شيخ الإسلام ابن تيمية :
الحمد لله، الأنبياء ـ صلوات الله وسلامه علىهم ـ معصومون من الإقرار على الذنوب، كبارها وصغارها، وهم بما أخبر الله به عنهم من التوبة يرفع درجاتهم، ويعظم حسناتهم فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وليست التوبة نقصًا، بل هي من أفضل الكمالات، وهي واجبة على جميع الخلق، كما قال تعالى :﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ على الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [ الأحزاب : ٧٢، ٧٣ ] فغاية كل مؤمن هي التوبة، ثم التوبة تتنوع كما يقال : حسنات الأبرار سيئات المقربين.


الصفحة التالية
Icon