فالأول : كقوله :﴿ وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي ﴾ [ السجدة : ١٣ ]، وقوله :﴿ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ ﴾ [ الأنعام : ١١٤ ]، كما قال السلف : القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.
والنوع الثاني : كقوله :﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ﴾ [ الجاثية : ١٣ ]، وقوله :﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ [ النحل : ٥٣ ]، و ﴿ مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ [ النساء : ٧٩ ]، وكما يقال : إلهام الخير وإيحاؤه من الله، وإلهام الشر وإيحاؤه من الشيطان، والوسوسة من الشيطان، فهذا نوعان :
تارة يضاف باعتبار السبب، وتارة باعتبار العاقبة والغاية. فالحسنات : هي النعم، والسيئات : هي المصائب كلها من عند الله، لكن تلك الحسنات أنعم الله بها على العبد، فهي منه، إحسانًا وتفضلاً، وهذه عقوبة ذنب من نفس العبد، فهي من نفسه باعتبار أن عمله السيئ كان / سببها، وهي عقوبة له؛ لأن النفس أرادت تلك الذنوب ووسوست بها.
وتارة يقال باعتبار حسنات العمل وسيئاته، وما يلقي في القلب من التصورات والإرادات، فيقال للحق : هو من الله ألهمه العبد. ويقال للباطل : إنه من الشيطان وسوس به، ومن النفس ـ أيضًا؛ لأنها إرادته، كما قال عمر وابن عمر وابن مسعود ـ فيما قالوه باجتهادهم ـ : إن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأ فمنا ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه.