فالآيات والبراهين التى أرسل بها الرسل دلالات الله على صدقهم، دل بها العباد، وهى شهادة الله بصدقهم فيما بلغوا عنه، والذى بلغوه فيه شهادته لنفسه فيما أخبر به، ولهذا قال بعض النُّظَّار : إن المعجزة تصديق الرسول، وهى تجرى مجرى المرسل، صدقت فهى تصديق بالفعل، تجرى مجرى التصديق بالقول؛ إذ كان الناس لا يسمعون كلام الله المرسل منه، وتصديقه إخبار بصدقه، وشهادة له بالصدق وشهادة له بأنه أرسله وشهادة له بأن كل ما يبلغه عنه كلامه.
وهو ـ سبحانه ـ اسمه المؤمن، وهو فى أحد التفسيرين المصدق، الذى يصدق أنبياءه فيما أخبروا عنه بالدلائل التى دل بها على صدقه.
وأما الطريق العيانى فهو : أن يرى العباد من الآيات الأفقية والنفسية ما يبين لهم أن الوحى الذى بلغته الرسل عن اللّه حق، كما قال تعالى :﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ﴾ [ فصلت : ٥٣ ] أى : أو لم يكف بشهادته المخبرة بما علمه، وهو الوحى الذى أخبر به الرسول؛ فإن اللّّه على كل شىء شهيد وعليم به، فإذا أخبر به وشهد كان ذلك كافياً، وإن لم ير المشهود به، وشهادته قد علمت بالآيات التى دل بها على صدق الرسول، فالعالم بهذه الطريق لا يحتاج أن ينظر الآيات المشاهدة، التى تدل على أن القرآن حق، بل قد يعلم ذلك بما علم به أن الرسول صادق فيما أخبر به عن شهادة الله ـ تعالى ـ وكلامه.