قال : وفى قوله تعالى :﴿ فَمِن نَّفْسِكَ ﴾ [ النساء : ٧٩ ] من الفوائد : أن العبد لا يطمئن إلى نفسه، ولا يشتغل بملام الناس وذمهم، بل يسأل اللّه أن يعينه على طاعته؛ ولهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه دعاء الفاتحة، وهو محتاج إلى الهدى كل لحظة، ويدخل فيه من أنواع الحاجات ما لا يمكن حصره، ويبينه أن الله ـ سبحانه ـ لم يقص علينا قصة فى القرآن إلا لنعتبر، وإنما يكون الاعتبار إذا قِسْنَا الثانى بالأول، فلولا أن في النفوس ما فى نفوس المكذبين للرسل لم يكن بنا حاجة إلى الاعتبار بمن لا نشبهه قط، ولكن الأمر كما قال تعالى :﴿ مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ﴾ [ فصلت : ٤٣ ] وقوله :﴿ أَتَوَاصَوْا بِهِ ﴾ [ الذاريات : ٥٣ ] وقوله :﴿ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [ البقرة : ١١٨ ] ولهذا فى الحديث :( لتسلكن سنن من كان قبلكم ).
وقد بين القرآن أن السيئات من النفس، وأعظم السيئات جحود الخالق والشرك به، وطلب أن يكون شريكا له، وكلا هذين وقع.
وقال بعضهم : ما من نفس إلا وفيها ما فى نفس فرعون، وذلك أن الإنسان إذا اعتبر وتعرف أحوال الناس رأى ما يبغض نظيره وأتباعه حسداً، كما فعلت اليهود لما بعث الله من يدعو إلى مثل ما دعا إليه موسى؛ ولهذا أخبر عنهم بنظير ما أخبر به عن فرعون.
وَقَالَ الشّيخ الإمَام العَالم العَلاّمة شيخ الإسلام تقى الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحرانى ـ تغمده الله تعالى برحمته :
الحمد للّه نحمده ونستعينه، ونستهديه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له.
وأشهد أن لا إله إلا اللّه، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﷺ.

فصل



الصفحة التالية
Icon