وكانوا يكذبون ما ينقله كعب : إن اللّه قال لها : أنت عرشي الأدني، ويقولون : من وسع كرسيه السموات والأرض كيف تكون/الصخرة عرشه الأدني ؟ ! ولم تكن الصحابة يعظمونها، وقالوا : إنما بني القُبَّة عليها عبد الملك بن مروان لما كان محاربا لابن الزبير، وكان الناس يذهبون إلى الحج فيجتمعون به عظم الصخرة؛ ليشتغلوا بزيارتها عن جهة ابن الزبير، وإلا فلا موجب في شريعتنا لتعظيم الصخرة، وبناء القُبَّة عليها وسترها بالأنطاع والجوخ. ولو كان هذا من شريعتنا؛لكان عمر وعثمان ومعاوية ـ رضي اللّه عنهم ـ أحق بذلك ممن بعدهم؛فإن هؤلاء أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأعلم بسنته، وأتبع لها ممن بعدهم.
وكذلك الصحابة لم يكونوا ينتابون قبر الخليل صلى الله عليه وسلم، بل ولا فتحوه، بل ولا بنوا على قبر أحد من الأنبياء مسجداً؛ فإنهم كانوا يعلمون أن النبي ﷺ قال :( إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ).
ولما ظهر قبر دانيال بتُسْتَر كتب فيه أبو موسي إلى عمر بن الخطاب ـ رضي اللّه عنه ـ فكتب إليه عمر، إذا كان بالنهار فاحفر ثلاثة عشر قبراً، ثم ادفنه بالليل في واحد منها، وعفِّر قبره لئلا يفتتن به الناس، وقد تأملت الآثار التي تروي في قصد هذه المقامات، والدعاء /عندها أو الصلاة، فلم أجد لها عن الصحابة أصلا، بل أصلها عمن أخذَ عن أهل الكتاب.
فمن أصول الإسلام أن تميز ما بعث اللّه به محمداً ﷺ من الكتاب والحكمة، ولا تخلطه بغيره، ولا تلبس الحق بالباطل، كفعل أهل الكتاب. فإن اللّه ـ سبحانه ـ أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا.


الصفحة التالية
Icon