الحمد لله رب العالمين، الدعوة إلى اللّه هي الدعوة إلى الإيمان به، وبما جاءت به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا، وذلك يتضمن الدعوة إلى الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والدعوة إلى الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، / والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره، والدعوة إلى أن يعبد العبد ربه كأنه يراه.
فإن هذه الدرجات الثلاث التي هي : الإسلام، والإيمان، والإحسان، داخلة في الدين، كما قال في الحديث الصحيح :( هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم )، بعد أن أجابه عن هذه الثلاث، فبين أنها كلها من ديننا.
و ( الدين ) : مصدر، والمصدر يضاف إلى الفاعل والمفعول، يقال : دان فلان فلانًا إذا عبده وأطاعه، كما يقال : دانه إذا أذله. فالعبد يدين الله، أي : يعبده ويطيعه، فإذا أضيف الدين إلى العبد فلأنه العابد المطيع، وإذا أضيف إلى الله فلأنه المعبود المطاع، كما قال تعالى :﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه ﴾ [ الأنفال : ٣٩ ].
فالدعوة إلى الله تكون بدعوة العبد إلى دينه، وأصل ذلك عبادته وحده لا شريك له، كما بعث الله بذلك رسله، وأنزل به كتبه. قال تعالى :{ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا