وهذا الفريق قد قيل : إنهم منافقون، وقيل : نافقوا لما كتب عليهم القتال. وقيل : بل حصل منهم جبن وفشل، فكان فى قلوبهم مرض، كما قال تعالى :﴿ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ ﴾ [ محمد : ٢٠، ٢١ ] وقال تعالى :﴿ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [ الأحزاب : ١٢ ].
والمعنى متناول لهؤلاء ولهؤلاء ولكل من كان بهذه الحال.
ثم قال :﴿ أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [ النساء : ٧٨ ].
فالضمير فى قوله :﴿ وَإِن تُصِبْهُمْ ﴾ يعود إلى من ذكر، وهم ( الذين يخشون الناس ) أو يعود إلى معلوم، وإن لم يذكر، كما فى مواضع كثيرة.
وقد قيل : إن هؤلاء كانوا كفاراً من اليهود. وقيل : كانوا منافقين. وقيل : بل كانوا من هؤلاء وهؤلاء. والمعنى يعم كل من كان كذلك، ولكن تناوله لمن أظهر الإسلام وأمر بالجهاد أولى.
ثم إذا تناول الذم هؤلاء، فهو للكفار الذين لا يظهرون الإسلام أولى وأحْرَى.
والذى عليه عامة المفسرين : أن ( الحسنة ) و ( السيئة ) يراد بهما النعم والمصائب، ليس المراد مجرد ما يفعله الإنسان باختياره، باعتباره من الحسنات أو السيئات.