ولهذا قال تعالى :﴿ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾ [ لقمان : ١٧ ]، وقد أمر نبينا بالصبر في مواضع كثيرة، كما قال تعإلى ـ في أول المدثر ـ :﴿ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾ [ المدثر : ٢ - ٧ ]، وقال تعالى :﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ [ الطور : ٤٨ ]، وقال :﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ﴾ [ المزمل : ١٠ ]، وقال تعالى :/ ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ﴾ [ الأنعام : ٣٤ ]، وقال :﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ ﴾ [ القلم : ٤٨ ].
وقد جمع ـ سبحانه ـ بين التقوي والصبر في مثل قوله :﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ [ آل عمران : ١٨٦ ]، والمؤمنون كانوا يدعون إلى الإيمان بالله وما أمر به من المعروف، وينهون عما نهي الله عنه من المنكر، فيؤذيهم المشركون وأهل الكتاب، وقد أخبرهم بذلك قبل وقوعه، وقال لهم :﴿ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾، وقد قال يوسف ـ عليه السلام :﴿ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَالْمُحْسِنِينَ ﴾ [ يوسف : ٩٠ ].
فالتقوي تتضمن طاعة الله، ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر يتناول الصبر على المصائب التي منها أذى المأمور المنهي للآمر الناهي.


الصفحة التالية
Icon