ثم ذكر حال منكري المعاد وحال من جعل له الأولاد، وقرن بينهما فيما رواه البخاري من حديث أبي هريرة :( كذبني ابن آدم وما ينبغي له ذلك، وشتمني ابن آدم وما ينبغي له ذلك )، الحديث. ﴿ وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا ﴾ [ مريم : ٦٦ ]، ثم ذكر إقسامه علي / حشدهم والشياطين، وإحضارهم حول جهنم جثيا، وفيها دلالة علي أن المخبر عن خبر يحصل في المستقبل لا يكون إلا بطريقين : إما اطلاعه علي الغيب، وهو العلم بما سيكون، وإما أن يكون قد اتخذ عند الرحمن عهدًا، والله موف بعهده، فالأول علم بالخبر، والثاني علم بالأمر. الأول علم بالكلمات الكونية، والثاني علم بالكلمات الدينية، وهذا الذي أقسم أنه يأتي يوم المعاد ما ذكر كاذب في قسمه، فإنه ليس له اطلاع علي الغيب، ولا اتخذ عند الرحمن عهدًا.
وهذا كما قيل في إجابة الدعاء : إنه تارة يكون لصحة الاعتقاد، وهو مطابقة الخبر، وتارة لكمال الطاعة وهو موافقة الأمر، كقوله :﴿ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي ﴾ [ البقرة : ١٨٦ ]، فذكر حال من تمني علي الله الباطل بلا علم بالواقع، ولا اتخاذ عهد بالمشروع.
ثم ذكر حال الذين قالوا اتخذ الرحمن ولدًا، فنفي الولادة عن نفسه، ورد علي من أثبتها، وأثبت المودة ردًا علي من أنكرها، فقال :﴿ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [ مريم : ٩٦ ] أي : يحبهم، ويحببهم إلي عباده، وقد وافق ذلك ما في الصحيحين :( إذا أحب الله العبد نادى جبريل : إني أحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء : إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ويوضع له القبول في الأرض )، / وقال في البغض عكس ذلك.