فهذا كله مما يبين أن لفظ المثني في الأسماء المبنية في الأحوال الثلاثة نوع واحد، لم يفرقوا بين مرفوعه وبين منصوبه ومجروره، / كما فعلوا ذلك في الأسماء المعربة، وأن ذلك في المثني أبلغ منه في لفظ الواحد والجمع، إذ كانوا في الضمائر يفرقون بين ضمير المنصوب والمجرور، وبين ضمير المرفوع في الواحد والمثني، ولا يفرقون في المثني وفي لفظ الإشارة والموصول، ولا يفرقون بين الواحد والجمع وبين المرفوع وغيره، ففي المثني بطريق الأولي. والحمد للّه وحده، وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
ذكر شيخنا شيخ الإسلام ابن تيمية هذه المسألة في موضع آخر، وذكر فيها هذا الاعتراض.
فَصل
وقد يعْتَرض على ما كتبناه أولا بأنه جاء ـ أيضاً ـ في غير الرفع بالياء كسائر الأسماء، قال تعالى :﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ﴾ [ فصلت : ٢٩ ]، ولم يقل :( اللذان أضلانا )، كما قيل في اللذين : إنه بالياء في الأحوال الثلاثة، وقال تعالى في قصة موسي :﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ ﴾ [ القصص : ٢٧ ]، ولم يقل :( هاتان )، و ( هاتان ) تبع لابنتي، وقد يسمي عطف بيان وهو يشبه الصفة كقوله :﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ﴾ [ هود : ٦١ ]، لكن الصفة تكون مشتقة أو في معنى المشتق، وعطف / البيان يكون بغير ذلك كأسماء الأعلام، وأسماء الإشارة، وهذه الآية نظير قوله :﴿ إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ ﴾ [ طه : ٦٣ ].


الصفحة التالية
Icon