وفى الصحيحين عن عمرو بن عوف عن النبى ﷺ أنه قال :[ والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخاف أن تُبْسَطَ عليكم الدنيا كما بُسِطَتْ على من كان قبلكم فتتنافسوا فيها كما تنافسوا فيها، وتهلككم كما أهلكتهم ] [ البخارى فى الرقاق ( ٦٤٢٥ )، ومسلم فى الزهد والرقائق ( ٢٩٦١/٦ )، بلفظ فتنافسوها كما تنافسوها ] فجعل الدنيا المبسوطة هى المهلكة لهم؛ وذلك بسبب حبها والحرص عليها والمنافسة فيها، وإن كانت مفعولا بها لا اختيار لها، فهكذا المدعو المعبود من دون الله الذى لم يأمر بعبادة نفسه؛ إما لكونه جمادًا، وإما لكونه عبدًا مطيعًا لله من الملائكة والأنبياء والصالحين من الإنس والجن، فما يدعى من دون الله هو لا ينفع ولا يضر، لكن هو السبب فى دعاء الداعى له، وعبادته إياه. وعبادة ذاك ودعاؤه هو الذى ضره، فهذا الضر المضاف إليه غير الضر المنفى عنه، / فضرر العابد له بعبادته يحصل فى الدنيا والآخرة.
وإن كان عذاب الآخرة أشد، فالمشركون الذين عبدوا غير الله حصل لهم بسبب شركهم بهؤلاء من عذاب الله فى الدنيا ماجعله الله عبرة لأولى الأبصار، قال الله تعالى :﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ﴾ [ هود : ١٠٠، ١٠١ ]، فبين أنهم لم تنفعهم بل ما زادتهم إلا شرًا.