فضد النور الظلمة؛ ولهذا عقب ذكر النور وأعمال المؤمنين فيها بأعمال الكفار وأهل البدع والضلال، فقال :﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ ﴾ إلى قوله :﴿ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ﴾ [ النور : ٣٩، ٤٠ ]، وكذلك الظلم ظلمات يوم القيامة، وظلم العبد نفسه من الظلم، فإن للسيئة ظلمة فى القلب، وسوادًا فى الوجه، ووهنًا فى البدن، ونقصًا فى الرزق، وبغضًا فى قلوب الخلق، كما روى ذلك عن ابن عباس.
يوضح ذلك أن الله ضرب مثل إيمان المؤمنين بالنور، ومثل أعمال الكفار بالظلمة.
و [ الإيمان ] : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه. و [ الكفر ] :/ اسم جامع لكل ما يبغضه الله وينهى عنه، وإن كان لا يكفر العبد إذا كان معه أصل الإيمان وبعض فروع الكفر من المعاصى، كما لا يكون مؤمنًا إذا كان معه أصل الكفر وبعض فروع الإيمان ـ ولغض البصر اختصاص بالنور كما سنذكر ذلك ـ إن شاء الله تعالى ـ وقد روى أبو هريرة عن النبى ﷺ أنه قال :[ إن العبد إذا أذنب نُكِتَت فى قلبه نكتة سوداء، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن زاد زيد فيها حتى يعلو قلبه، فذلك [ الران ] الذى ذكر الله :﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [ المطففين : ١٤ ] رواه الترمذى وصححه [ الران : الطبع والتغطية والختم ]. وفى الصحيح أنه قال :[ إنه ليغان على قلبى وإنى لأستغفر الله فى اليوم مائة مرة ]، والغين : حجاب رقيق أرق من الغيم، فأخبر أنه يستغفر الله استغفارًا يزيل الغين عن القلب، فلا يصير نكتة سوداء كما أن النكتة السوداء إذا أزيلت لا تصير رَيْنًا.


الصفحة التالية
Icon