ولا ريب أن محبة الفواحش مرض فى القلب، فإن الشهوة توجب السكر، كما قال تعالى عن قوم لوط :﴿ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [ الحجر : ٧٢ ]، وفى الصحيحين واللفظ لمسلم من حديث أبى هريرة عن النبى ﷺ قال :[ العينان تزنيان وزناهما النظر ] الحديث إلى آخره. فكثير من الناس يكون مقصوده بعض هذه / الأنواع المذكورة فى هذا الحديث؛ كالنظر، والاستمتاع، والمخاطبة، ومنهم : من يرتقى إلى اللمس والمباشرة، ومنهم : من يقبل وينظر، وكل ذلك حرام، وقد نهانا الله ـ عز وجل ـ أن تأخذنا بالزناة رأفة بل نقيم عليهم الحد، فكيف بما هو دون ذلك من هجر وأدب باطن ونهى وتوبيخ وغير ذلك ؟ ! بل ينبغى شنآن الفاسقين وقليهم على ما يتمتع به الإنسان من أنواع الزنا المذكورة فى هذا الحديث المتقدم وغيره.
وذلك أن المحب العاشق وإن كان إنما يحب النظر والاستمتاع بصورة ذلك المحبوب وكلامه، فليس دواؤه فى أن يعطى نفسه محبوبها وشهوتها من ذلك؛ لأنه مريض، والمريض إذا اشتهى ما يضره أو جزع من تناول الدواء الكريه، فأخذتنا رأفة عليه حتى نمنعه شربه فقد أعناه على ما يضره أو يهلكه وعلى ترك ما ينفعه، فيزداد سقمه فيهلك، وهكذا المذنب العاشق ونحوه هو مريض، فليس الرأفة به والرحمة أن يمكن مما يهواه من المحرمات، ولا يعان على ذلك، ولا أن يمكن من ترك ما ينفعه من الطاعات التى تزيل مرضه، قال تعالى :﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ ﴾ [ العنكبوت : ٤٥ ]، أى : فيها الشفاء وأكبر من ذلك.