اسم الإيمان الواجب، كما فى الصحاح عنه ﷺ :( لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ) الحديث إلى آخره. ففيهم من نقص الإيمان ما يوجب زوال الرأفة والرحمة بهم، واستحقوا بتلك الشعبة من الشدة بقدر ما فيها، ولا منافاة بين أن يكون الشخص الواحد يرحم ويحب من وجه، ويعذب ويبغض من وجه آخر، ويثاب من وجه، ويعاقب من وجه، فإن مذهب أهل السنة والجماعة أن الشخص الواحد يجتمع فيه الأمران، خلافًا لما يزعمه الخوارج ونحوهم من المعتزلة، فإن عندهم أن من استحق العذاب من أهل القبلة لا يخرج من النار، فأوجبوا خلود أهل التوحيد. وقال من استحق العذاب : لا يستحق الثواب.
ولهذا جاء فى السنة : أن من أقيم عليه الحد والعقوبات، ولم يأخذ المؤمنين به رأفة أن يرحم من وجه آخر فيحسن إليه ويدعى له، وهذا الجانب أغلب فى الشريعة، كما أنه الغالب فى صفة الرب ـ سبحانه ـ كما فى الصحيحين :( إن الله كتب كتابا فهو موضوع عنده فوق العرش : إن رحمتى تغلب غضبي )، وفى رواية :( سبقت غضبى )، وقال :﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ ﴾ [ الحجر : ٤٩، ٥٠ ]، وقال :﴿ اعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ المائدة : ٩٨ ]، فجعل الرحمة صفة له مذكورة فى أسمائه الحسنى، وأما العذاب والعقاب فجعلهما من مفعولاته غير مذكورين فى أسمائه.