وقد مضت سنة النبى ﷺ بالتفريق بين المتلاعنين، سواء حصلت الفرقة بتلاعنهما أو احتاجت إلى تفريق الحاكم، أو حصلت عند انقضاء لعان الزوج؛ لأن أحدهما ملعون أو خبيث، فاقترانهما بعد ذلك يقتضى مقارنة الخبيث الملعون للطيب، وفى صحيح مسلم عن عمران بن حصين حديث المرأة التى لعنت ناقة لها فأمر النبى ﷺ فأخذ ما عليها وأرسلت، وقال :( لا تصحبنا ناقة ملعونة )، وفى الصحيحين عنه أنه لما اجتاز بديار ثمود قال :( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لئلا يصيبكم ما أصابهم )، فنهى عن عبور ديارهم إلا على وجه الخوف المانع من العذاب.
وهكذا السنة فى مقارنة الظالمين والزناة، وأهل البدع والفجور وسائر المعاصى، لا ينبغى لأحد أن يقارنهم ولا يخالطهم إلا على وجه يسلم به من عذاب الله ـ عز وجل ـ وأقل ذلك أن يكون منكرًا لظلمهم، ماقتا لهم، شانئا ما هم فيه بحسب الإمكان، كما فى الحديث :( من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع /فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان )، وقال تعالى :﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ ﴾ الآية [ التحريم : ١١ ]، وكذلك ما ذكره عن يوسف الصديق وعمله على خزائن الأرض لصاحب مصر لقوم كفار.


الصفحة التالية
Icon