وقد ذكر الله عن أنبيائه وعباده الصالحين من ذكر الفاحشة / وعلائقها على وجه الذم ما فيه عبرة، قال تعالى :﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ ﴾ [ الأعراف : ٨٠ ]، إلى آخر القصة في مواضع من كتابه. فهذا لوط خاطب أهل الفاحشة ـ وهو رسول الله ـ بتقريعهم بها بقوله :﴿ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ ﴾ وهذا استفهام إنكار ونهي، إنكار ذم، ونهي، كالرجل يقول للرجل : أتفعل كذا وكذا ؟ أما تتقي الله ؟ ثم قال :﴿ أ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء ﴾ [ النمل : ٥٥ ]، وهذا استفهام ثان فيه من الذم والتوبيخ ما فيه، وليس هذا من باب القذف واللمز.
وكذلك قوله :﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [ الشعراء : ١٦٠ ]، إلى آخر القصة، فقد واجههم بذمهم وتوبيخهم على فعل الفاحشة، ثم إن أهل الفاحشة توعدوهم وتهددوهم بإخراجهم من القرية، وهذا حال أهل الفجور إذا كان بينهم من ينهاهم طلبوا نفيه وإخراجه، وقد عاقب الله أهل الفاحشة اللوطية بما أرادوا أن يقصدوا به أهل التقوي؛ حيث أمر بنفي الزاني ونفي المخنث، فمضت سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم بنفي هذا وهذا، وهو ـ سبحانه ـ أخرج المتقين من بينهم عند نزول العذاب.
وكذلك ما ذكره تعالى في قصة يوسف :﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ ﴾ إلى قوله :﴿ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [ يوسف : ٣٢ـ ٣٤ ]، وما ذكره بعد ذلك فمن كلام يوسف من قوله :﴿ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ﴾ [ يوسف : ٥٠ ]، وهذا من باب الاعتبار الذي يوجب انتهار النفوس عن معصية الله والتمسك بالتقوي، وكذلك ما بينه في آخر السورة بقوله :﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ ﴾ [ يوسف : ١١١ ].


الصفحة التالية
Icon