وشرب الخمر يظْهِرُ أسرار الرجال حتي يتكلم شاربه بما في باطنه، وكثير من الناس إذا أرادوا استفهام ما في قلوب الرجال من الأسرار يسقونهم الخمر، وربما يشربون معهم ما لا يسكرون به.
وأيضًا، فالخمر تصد الإنسان عن علمه وتدبيره ومصلحته في معاشه ومعاده، وجميع أموره التي يدبرها برأيه وعقله، فجميع الأمور التي تصد / عنها الخمر من المصالح وتوقعها من المفاسد داخلة في قوله تعالى :﴿ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ ﴾ [ المائدة : ٩١ ].
وكذلك، إيقاع العداوة والبغضاء هي منتهي قصد الشيطان؛ ولهذا قال النبي صلي الله عليه وسلم :( ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ ) قالوا : بلي يا رسول الله، قال :( إصلاح ذات البين، فإن إفساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول : تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين ).
وقد ذكرنا في غير هذا الموضع أن الفواحش والظلم وغير ذلك من الذنوب توقع العداوة والبغضاء، وأن كل عداوة أو بغضاء فأصلها من معصية الله، والشيطان يأمر بالمعصية ليوقع فيما هو أعظم منها، ولا يرضي بغاية ما قدر على ذلك.


الصفحة التالية
Icon