وإذا علم أن الشر لا يحصل له إلا من نفسه بذنوبه استغفر وتاب، فزال عنه سبب الشر. فيكون العبد دائماً شاكراً مستغفراً، فلا يزال الخير يتضاعف له، والشر يندفع عنه، كما كان النبى ﷺ يقول فى خطبته :( الحمد للّه ) فيشكر الله، ثم يقول :( نستعينه ونستغفره ) نستعينه على الطاعة، ونستغفره من المعصية، ثم يقول :( ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ) فيستعيذ به من الشر الذى فى النفس، ومن عقوبة عمله، فليس الشر إلا من نفسه ومن عمل نفسه، فيستعيذ الله من شر النفس؛ أن يعمل بسبب سيئاته الخطايا، ثم إذا عمل استعاذ بالله من سيئات عمله ومن عقوبات عمله، فاستعانه على الطاعة وأسبابها، واستعاذ به من المعصية وعقابها.
فعِلْمُ العبد بأن ما أصابه من حسنة فمن الله، وما أصابه من سيئة فمن نفسه ـ يوجب له هذا وهذا، فهو ـ سبحانه ـ فرق بينهما هنا، بعد أن جمع بينهما فى قوله :﴿ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ ﴾ [ النساء : ٧٨ ].
فبين أن الحسنات والسيئات : النعم والمصائب، والطاعات والمعاصى، على قول من أدخلها فى :﴿ مٌَنً عٌندٌ بلَّهٌ ﴾.
ثم بين الفرق الذى ينتفعون به، وهو أن هذا الخير من نعمة الله، فاشكروه يزدكم، وهذا الشر من ذنوبكم، فاستغفروه، يدفعه عنكم.
قال الله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [ الأنفال : ٣٣ ]، وقال تعالى :﴿ الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [ هود : ١ـ ٣ ].


الصفحة التالية
Icon