وفى الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ـ لما ذكر الخلوف ـ قال :( من جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل )، وقد قال تعالى :﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ﴾ [ الممتحنة : ٤ ].
وقال على لسان الخليل :﴿ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ﴾ [ الزخرف : ٢٦، ٢٧ ]، وقال :﴿ قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [ الشعراء : ٧٥ ـ ٧٧ ]، وقال :﴿ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [ الأنعام : ٧٨، ٧٩ ].
فهذا البغض والعداوة والبراءة - مما يعبد من دون الله ومن عابديه - هي أمور موجودة فى القلب، وعلى اللسان والجوارح، كما أن حب الله وموالاته وموالاة أوليائه أمور موجودة فى القلب، وعلى اللسان والجوارح، وهي تحقيق قول ( لا إله إلا اللّه )، وهو إثبات تأليه القلب لله حباً خالصاً وذلا صادقاً، ومنع تأليهه لغير اللّه، وبغض ذلك وكراهته، فلا يعبد إلا اللّه، ويحب أن يعبده، ويبغض عبادة غيره ويحب التوكل عليه وخشيته ودعاءه، ويبغض التوكل على غيره وخشيته ودعاءه.


الصفحة التالية
Icon