وكل من عبد غير اللّه فإنما يعبد الشيطان، وإن كان يظن أنه يعبد الملائكة والأنبياء، وقال تعالى :﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ ﴾ [ سبأ : ٤٠، ٤١ ].
ولهذا تتمثل الشياطين لمن يعبد الملائكة والأنبياء والصالحين ويخاطبونهم، فيظنون أن الذى خاطبهم مَلَك أو نبى، أو وَلِيّ وإنما هو شيطان، جعل نفسه ملكا من الملائكة، كما يصيب عُبَّاد الكواكب وأصحاب العزائم والطلسمات، يسمون أسماء، يقولون : هي أسماء الملائكة، مثل منططرون وغيره، وإنما هي أسماء الجن.
وكذلك الذين يدعون المخلوقين من الأنبياء والأولياء والملائكة، قد يتمثل لأحدهم من يخاطبه، فيظنه النبى، أو الصالح الذي دعاه، وإنما هو شيطان تصور فى صورته، أو قال : أنا هو، لمن لم يعرف صورة ذلك المدعو.
وهذا كثير يجري لمن يدعو المخلوقين، من النصارى ومن المنتسبين إلى الإسلام، يدعونهم عند قبورهم، أو مغيبهم، ويستغيثون بهم، فيأتيهم من يقول : إنه ذلك المستغاث به، فى صورة آدمي، إما راكباً، وإما غير راكب. فيعتقد المستغيث أنه ذلك النبى، والصالح، أو أنه سِرّه، أو روحانيته، أو رقيقته أو المعنى تَشَكَّل، أو يقول : إنه ملك جاء على صورته، وإنما هو شيطان يغويه؛ لكونه أشرك بالله ودعا غيره؛ الميت فمن دونه. فصار للشيطان عليه سلطان بذلك الشرك، فظن أنه يدعو النبى، أو الصالح، أو الملك، وأنه هو الذي شفع له، أو هو الذي أجاب دعوته، وإنما هو الشيطان؛ ليزيده غلواً فى كفره وضلاله.
فكل من لم يعبد اللّه مخلصاً له الدين، فلابد أن يكون مشركاً عابداً لغير اللّه، وهو فى الحقيقة عابد للشيطان.