وكذلك قوله تعالى :﴿ يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ ﴾ [ النساء : ١١ ]، عام في الأولاد، عام في الأحوال؛ إذ قد يكون الولد موافِقًا في الدين ومخالفًا، وحرًا وعبدًا. واللفظ لم يتعرض إلى الأحوال.
وكذلك قوله :﴿ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ ﴾ [ الزمر : ٥٣ ]، عام في الذنوب مطلق في أحوالها، فإن الذنب قد يكون صاحبه تائبًا منه، وقد يكون مصرًا، واللفظ لم يتعرض لذلك، بل الكلام يبين أن الذنب يغفر في حال دون حال، فإن الله أمر بفعل ما تُغْفَر به الذنوب، ونهى عما به يحصل العذاب يوم القيامة بلا مغفرة، فقال :﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [ الزمر : ٥٤ - ٥٩ ]
فهذا إخبار أنه يوم القيامة يُعذِّب نفوسًا لم يغفر لها، كالتى كذبت بآياته واستكبرت وكانت من الكافرين، ومثل هذه الذنوب غفرها الله لآخرين لأنهم تابوا منها.


الصفحة التالية
Icon