وسئل شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ عن قوله تعالى :﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ﴾ [ الزمر : ٦٨ ]، قال المفسرون : مات من الفزع وشدة الصوت ﴿ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ﴾ أخبرنا أبو الفتح محمد بن على الكوفي الصوفي، أنا أبو الحسن على بن الحسن التميمي، ثنا محمد بن إسحاق الرملي، ثنا هشام بن عمار، ثنا إسماعيل بن عَياش، عن عمر بن محمد، عن زيد بن أسلم عن أبيه، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ﷺ : أنه سأل جبريل عن هذه الآية :﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ﴾، من الذي لم يشأ الله أن يصْعَقَهم ؟ قال : هم الشهداء متقلدين سيوفهم حول العرش. وهذا قول سعيد بن جبير، وعطاء وابن عباس. وقال مقاتل والسدي والكلبي : هو جبريل وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت. ﴿ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ ﴾ [ الزمر : ٦٨ ] يعني : الخلق كلهم قيام على أرجلهم ﴿ يَنظُرُونَ ﴾ ما يقال لهم، وما يؤمرون به. هذا كلام الواحدي في كتاب [ الوسيط ] بَينُوا لنا / حقيقة الصُّعُوق، هل يطلق على الموت في حق المذكورين ؟ وحقيقة الاستثناء ؟
فأجاب :
الحمد لله الذي عليه أكثر الناس أن جميع الخلق يموتون حتي الملائكة، وحتي عِزْرائِيل ملك الموت. وروي في ذلك حديث مرفوع إلى النبي ﷺ. والمسلمون واليهود والنصارى متفقون على إمكان ذلك، وقدرة الله عليه، وإنما يخالف في ذلك طوائف من المتفلسفة أتباع أرسطو وأمثالهم، ممن زعم أن الملائكة هي العقول والنفوس، وأنه لا يمكن موتها بحال، بل هي عندهم آلهة وأرباب هذا العالم.


الصفحة التالية
Icon