وذلك لأن الإنسان بين أمرين : أمر أُمِرَ بفعله، فعليه أن يفعله / ويحرص عليه، ويستعين الله ولا يعجز، وأمر أصيب به من غير فعله، فعليه أن يصبر عليه ولا يجزع منه؛ ولهذا قال بعض العقلاء ـ ابن المقفع أو غيره ـ الأمر أمران : أمر فيه حيلة فلا تعجز عنه. وأمر لا حيلة فيه لا تجزع منه. وهذا في جميع الأمور، لكن عند المؤمن الذي فيه حيلة هو ما أمر الله به وأحبه له، فإن الله لم يأمره إلا بما فيه حيلة له؛ إذ لا يكلف نفسا إلا وسعها، وقد أمره بكل خير فيه له حيلة، وما لا حيلة فيه هو ما أصيب به من غير فعله.
واسم الحسنات والسيئات يتناول القسمين، فالأفعال مثل قوله تعالى :﴿ مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا ﴾ [ الأنعام : ١٦٠ ]، ومثل قوله تعالى :﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [ الإسراء : ٧ ]، ومثل قوله :﴿ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ﴾ [ الشورى : ٤٠ ]، ومثل قوله تعالى :﴿ بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ ﴾ [ البقرة : ٨١ ]، والمصائب المقدرة خيرها وشرها مثل قوله :﴿ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [ الأعراف : ١٦٨ ]. إلى آيات كثيرة من هذا الجنس. والله أعلم.