فالتوبة النصوح : هي الخالصة من كل غش، وإذا كانت كذلك كائنة فإن العبد إنما يعود إلى الذنب لبقايا في نفسه، فمن خرج من قلبه الشبهة والشهوة لم يعد إلى الذنب، فهذه التوبة النصوح، وهي واجبة بما أمر الله ـ تعالى، ولو تاب العبد ثم عاد إلى الذنب، قَبِلَ الله توبته الأولي، ثم إذا عاد استحق العقوبة، فإن تاب، تاب الله عليه أيضًا. ولايجوز للمسلم إذا تاب، ثم عاد أن يصِرَّ، بل يتوب، ولو عاد في اليوم مائة مرة، فقد روي الإمام أحمد في مسنده، عن علي، عن النبي ﷺ أنه قال :( إن الله يحب العبد المفتَّن التواب )، وفي حديث آخر :( لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار )، وفي حديث آخر :( ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم مائة مرة ).
ومن قال من الجهال : إن [ نصوح ] اسم رجل كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أُمِر الناس أن يتوبوا كتوبته، فهذا رجل مفتر كذاب، جاهل بالحديث والتفسير، جاهل باللغة ومعاني القرآن، فإن هذا امرؤ لم يخلقه الله تعالى، ولا كان في المتقدمين أحد اسمه نصوح، ولا ذكر هذه القصة أحد من أهل العلم، ولو كان كما زعم الجاهل، لقيل : توبوا إلى الله تَوْبةَ نصوح، وإنما قال :﴿ تَوْبَةً نَّصُوحًا ﴾ والنصوح : هو التائب. ومن قال : إن المراد بهذه الآية رجل، أو امرأة اسمه نصوح، وإن كان علي عهد عيسي أو غيره، فإنه كاذب، يجب أن يتوب من هذه، فإن لم يتب وجبت عقوبته بإجماع المسلمين. والله أعلم.