وقد اتفق العقلاء على جواز تجدد النسب والإضافات مثل المعية، وإنما النزاع في تجدد ما يقوم بذاته من الأمور الاختيارية. وقد بين في غير هذا الموضع أن النسب والإضافات مستلزمة لأمور ثبوتية، وأن وجودها بدون الأمور الثبوتية ممتنع.
والإنسان إذا كان جالسًا فتحول المتحول عن يمينه ـ بعد أن كان عن شماله قيل : إنه عن شماله. فقد تجدد من هذا فعل به تغيرت النسبة والإضافة،. وكذلك من كان تحت السطح فصار فوقه، فإن النسبة بالتحتية والفوقية تجدد لما تجدد فعل هذا.
وإذا قيل : نفس السقف لم يتغير قيل : قد يمنع هذا، ويقال : ليس حكمه إذا لم يكن فوقه شيء كحكمه إذا كان فوقه شيء. وإذا قيل عن الجالس : إنه لم يتغير، قيل : قد يمنع هذا، ويقال : ليس حكمه إذا كان الشخص عن يساره كحكمه إذا كان عن يمينه، فإنه يحجب هذا الجانب ويوجب من التفات الشخص وغير ذلك ما لم يكن قبل ذلك.
وكذلك من تجدد له أخ أو ابن أخ بإيلاد أبيه أو أخيه، قد وجد هنا أمور ثبوتية. وهذا الشخص يصير فيه من العطف والحنو على هذا الولد المتجدد ما لم يكن قبل ذلك، وهي الرحم والقرابة.
وبهذا يظهر الجواب الثاني، وهو أن يقال :
العلو والسفول ـ ونحو ذلك ـ من الصفات المستلزمة للإضافة، وكذلك الاستواء، والربوبية، والخالقية، ونحو ذلك. فإذا كان غيره موجودًا، فإما أن يكون عاليًا عليه وإما ألا يكون، كما يقولون هم : إما أن يكون عاليًا عليه بالقهر أو بالقدر أو لا يكون، خلاف ما إذا قدر وحده، فإنهم لا يقولون : إنه حينئذ قاهر، أو قادر أو مستول عليه، فلا يقال : إنه عال عليه. وإن قالوا :( إنه قادر وقاهر ) كان ذلك مشروطًا بالغير، وكذلك علو القدر، قيل : وكذلك علو ذاته مازال عاليًا بذاته لكن ظهور ذلك مشروط بوجود الغير. والإلزامات مفحمة لهم.