والأقوى : أنه يتعين التسبيح، إما بلفظ ( سبحان )، وإما بلفظ ( سبحانك )، ونحو ذلك. وذلك أن القرآن سماها :( تسبيحًا )، فدل على وجوب التسبيح فيها، وقد بينت السنة أن محل ذلك الركوع والسجود، كما سماها اللّه :( قرآنًا ). وقد بينت السنة أن محل ذلك القيام. وسماها :[ قيامًا ] و [ سجودًا ] و [ ركوعًا ]، وبينت السنة علة ذلك ومحله.
وكذلك التسبيح ـ يسبح في الركوع والسجود. وقد نقل عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه كان يقول :( سبحان ربي العظيم ) و ( سبحان ربي الأعلى )، وأنه كان يقول :( سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي )، و ( سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت ). وفي بعض روايات أبي داود :( سبحان ربي العظيم وبحمده )، وفي استحباب هذه الزيادة عن أحمد روايتان. وفي صحيح مسلم عن عائشة؛ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلمكان يقول في ركوعه وسجوده :( سبوح قدوس، رب الملائكة والروح ). وفي السنن أنه كان يقول :( سبحان ذى الجبروت، والملكوت، والكبرياء، والعظمة ). فهذه كلها تسبيحات.
والمنقول عن مالك أنه كان يكره المداومة على ذلك. فإن كان كراهة المداومة على :( سبحان ربي الأعلى والعظيم )، فله وجه، وإن كان كراهة المداومة على جنس التسبيح، فلا وجه له، وأظنه الأول. وكذلك المنقول عنه إنما هو كراهة المداومة على :( سبحان ربي العظيم ) ؛ لئلا يظن أنها فرض؛وهذا يقتضي : أن مالكًا أنكر أن تكون فرضًا واجبًا.
وهذا قوى ظاهر، بخلاف جنس التسبيح، فإن أدلة وجوبه في الكتاب والسنة كثيرة جدًا. وقد علم أنه صلى الله عليه وسلمكان يداوم على التسبيح بألفاظ متنوعة.
وقوله :( اجعلوها في ركوعكم وفي سجودكم ) يقتضي أن هذا محل لامتثال هذا الأمر، لا يقتضي أنه لا يقال إلا هي مع ما قد ثبت أنه كان يقول غيرها.


الصفحة التالية
Icon