يبقى التسبيح. وأحمد يوجبه في الركوع والسجود. وروى عنه أنه ركن. وهو قوى لثبوت الأمر به في القرآن والسنة. فكيف يوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلمولم يجئ أمر بها في الصلاة خصوصًا ولا يوجب التسبيح مع الأمر به في الصلاة، ومع كون الصلاة تسمى [ تسبيحًا ] ؟ وكل ما سميت به الصلاة من أبعاضها فهو ركن فيها، كما سميت [ قيامًا ]، و [ ركوعًا ]، و [ سجودًا ]، و [ قراءة ]، وسميت أيضًا [ تسبيحًا ].
ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلمما ينفي وجوبه في حال السهو كما ورد في التشهد الأول أنه لما تركه سجد للسهو، لكن قد يقال : لما لم يأمر به المسىء في صلاته دل على أنه واجب ليس بركن. وبسط هذه المسألة له موضع آخر.
والمقصود هنا أن التسبيح قد خص به حال الانخفاض، كما خص حال الارتفاع بالتكبير. فذكر العبد في حال انخفاضه وذله ما يتصف به / الرب مقابل ذلك. فيقول في السجود : سبحان ربي الأعلى، وفي الركوع : سبحان ربي العظيم.
و [ الأعلى ] يجمع معانى العلو جميعها، وأنه الأعلى بجميع معانى العلو. وقد اتفق الناس على أنه علىّ على كل شيء بمعنى أنه قاهر له، قادر عليه، متصرف فيه، كما قال :﴿ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [ المؤمنون : ٩١ ].


الصفحة التالية
Icon