كما روى ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ﴾ [ الإسراء : ٤٢ ]، يقول لابُتغَت الحوائج من الله. وعن معمر، عن قتادة :﴿ لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ﴾ : لابتغوا التقرب إليه مع أنه ليس كما يقولون. وعن سعيد، عن قتادة :﴿ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ ﴾ [ الإسراء : ٤٢ ]، يقول : لو كان معه آلهة إذًا لعرفوا له فضله ومزيته عليهم ولابتغوا إليه ما يقربهم إليه. وروى عن سفيان الثورى : لتعاطوا سلطانه.
وعن أبي بكر الهذلى، عن سعيد بن جبير : سبيلاً إلى أن يزيلوا ملكه، والهذلي ضعيف.
فقد تضمن العلو الذى ينعت به نفسه في كتابه أنه متعال عما لا يليق به من الشركاء والأولاد، فليس كمثله شيء. وهذا يقتضي ثبوت صفات الكمال له دون ما سواه.
وأنه لا يماثله غيره في شيء من صفات الكمال، بل هو متعال عن أن يماثله شيء. وتضمن أنه عال على كل ما سواه، قاهر له، قادر عليه، نافذة مشىئته فيه، وأنه عال على الجميع فوق عرشه. فهذه ثلاثة أمور في اسمه [ العلي ].
وإثبات علوه ـ علوه على ما سواه، وقدرته عليه وقهره ـ يقتضي ربوبيته له، وخَلْقَه له، وذلك يستلزم ثبوت الكمال. وعلوه عن الأمثال يقتضي أنه لا مثل له في صفات الكمال.
وهذا وهذا يقتضي جميع ما يوصف به في الإثبات والنفي. ففي الإثبات يوصف بصفات الكمال، وفي النفي ينزه عن النقص المناقض للكمال، وينزه عن أن يكون له مثل في صفات الكمال. كما قد دلت على هذا وهذا سورة الإخلاص :﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾ [ الإخلاص : ١، ٢ ].


الصفحة التالية
Icon