وأيضًا، فالذي يصير غثاء أحوى لم تقتت به البهائم، وإنما تقتات به قبل ذلك. فهو ـ والله أعلم ـ خص هذا بالذكر لأنه مثل الحياة الدنيا.
إذ كانت هذه السورة تضمنت أصول الإيمان؛ الإيمان بالله واليوم الآخر، والإيمان بالرسل والكتب التي جاؤوا بها، وذلك يتضمن الإيمان بالملائكة. وفيها العمل الصالح الذي ينفع في الآخرة، والفاسد الذي يضر فيها.
فذكر ـ سبحانه ـ المرعى ما ذكره من الخلق والهدى ليبين مآل بعض المخلوقات، وأن الدنيا، هذا مثلها.
وقد ذكر الله ذلك في الكهف، ويونس، والحديد. قال تعالى :﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا ﴾ [ الكهف : ٤٥ ].
وقال تعالى :﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [ يونس : ٢٤، ٢٥ ].


الصفحة التالية
Icon