وحكى الماوردي [ هو أبو الحسن على بن محمد بن حبيب الماوردى أقضى قضاة عصره، ولد بالبصرة عام ٤٦٣هـ، وانتقل إلى بغداد، وولى القضاء في أيام القائم بأمر الله العباسى، وكان يميل إلى مذهب الاعتزال، ووفاته ببغداد عام ٠٥٤هـ، من كتبه :[ أدب الدنيا والدين ] و [ الأحكام السلطانية ] وغيرها ] أنها بمعنى [ ما ]. وهذه تكون [ ما ] المصدرية، وهي بمعنى الظرف، أي : ذكر ما نفعت، ما دامت تنفع. ومعناها قريب من معنى الشرطية.
وأما إن ظن ظان أنها نافية فهذا غلط بَيِّن. فإن الله لا ينفي نفع الذكرى مطلقًا وهو القائل :﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ الذاريات : ٥٤، ٥٥ ] ثم قال :﴿ الْمُؤْمِنِينَ ﴾....
وعن... ﴿ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى ﴾ : إن قبلت الذكرى. وعن مقاتل : فذكر وقد نفعت الذكرى.
وقيل : ذكر إن نفعت الذكرى وإن لم تنفع. قاله طائفة، أَوْلهُم الفراء، واتبعه جماعة، منهم النحاس، والزهراوى، والواحِدى، والبَغَوى ولم يذكر غيره. قالوا : وإنما لم يذكر الحال الثانية كقوله :﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ﴾ [ النحل : ٨١ ]، وأراد الحر والبرد.
وإنما قالوا هذا؛ لأنهم قد علموا أنه يجب عليه تبليغ جميع الخلق وتذكيرهم سواء آمنوا أو كفروا. فلم يكن وجوب التذكير مختصًا بمن / تنفعه الذكرى، كما قال في الآية الأخرى :﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ﴾ [ الغاشية : ٢١، ٢٢ ]، وقال :﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [ الزخرف : ٤٤ ]، وقال :﴿ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [ القلم : ٥١، ٥٢ ]، وقال :﴿ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [ الفرقان : ١ ].