ولهذا أدخلهم كثير من السلف في الذين ﴿ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ ﴾ [ آل عمران : ٧ ]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا ﴾ [ الأنعام : ١٥٩ ]، وبسط هذا له موضع آخر.
والمقصود الآية. وقد دلت على أن كل من يخشى فلابد أن / يتذكر. فقد يتذكر فتحصل له بالتذكر خشية، وقد يخشى فتدعوه الخشية إلى التذكر.
وهذا المعنى ذكره قتادة؛ فقال : والله ! ما خشى الله عبدٌ قط إلا ذكره.
﴿ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ﴾، قال قتادة : فلا والله ! لا يتنكب عبد هذا الذكر زهدًا فيه وبغضًا له ولأهله إلا شقيا بَين الشقاء.
والخشية في القرآن مطلقة تتناول خشية الله وخشية عذابه في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا ﴾ [ النازعات : ٤٢ - ٤٥ ].
وقال تعالى :﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ ق : ٤٥ ].
وقال تعالى :﴿ اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ﴾ [ الشورى : ١٧، ١٨ ].
وقال :﴿ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴾ [ الطور : ٢٦، ٢٧ ].

فصل


الكلام على قوله :﴿ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴾ [ ق : ٣٣ ].
وفي هذه الآية قال :﴿ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى ﴾ [ الأعلى : ١٠ ].


الصفحة التالية
Icon