وسمى ربه بالأسماء الحسنى الدالة على نعوت كماله، فقال :﴿ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ﴾ [ البقرة : ١٢٩ ]. وقال :﴿ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ إبراهيم : ٣٦ ]، وقال :﴿ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴾ [ مريم : ٤٧ ]، فوصف ربه بالحكمة والرحمة المناسب لمعنى الخلة، كما قال :﴿ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴾.
وموسى ـ عليه السلام ـ خاصم فرعون الذي جحد الربوبية والرسالة وقال :﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [ النازعات : ٢٤ ]، و ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [ القصص : ٣٨ ]، وقصته في القرآن مثناة مبسوطة لا يحتاج هذا الموضع إلى بسطها.
وقرر ـ أيضًا ـ أمر الربوبية وصفات الكمال للّه ونفي الشرك.
ولما اتخذ قومه العجل بَيَّن اللّه لهم صفات النقص التي تنافي الألوهية فقال :﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ ﴾ [ الأعراف : ١٤٨ ]، وقال :﴿ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ ﴾ [ طه : ٨٨ - ٩٠ ].
فوصفه بأنه وإن كان قد صوت صوتا هو خوار فإنه لا يكلمهم، ولا يرجع إليهم قولا، وأنه لا يهديهم سبيلا، ولا يملك لهم ضرًا ولا نفعًا.