وأما الجموع الظاهرة، فالواو هى علم الجمع المذكر الصحيح، كما أن الألف علم التثنية؛ ولهذا ينطق بها حيث لا إعراب، لكن في حال النصب والخفض قلبتا يائين لأجل الفرق، وذلك لأن الأسماء الظاهرة لها الغيبة دون الخطاب في جميع العربية؛ وذلك لأن الواو أقوى حروف العلة، والضمة بعضها، وهى أقوى الحركات، لما فيها من الجمع، وكونها آخرًا، فجعلت للجمع والألف أخف حروف العلة، فجعلت للاثنين؛ لأن الياء كانت قد صارت للمؤنث في المفرد المرفوع الذي هو الأصل في قولك... [ بياض بالأصل ]، وجاءت الميم في مثل : اللهم إشعار بجميع الأسماء؛ وذلك لأن حرف الشفة لما كان جامعًا للقوة من مبدأ مخارج الحروف إلى منتهاها بمنزلة الخاتم الآخر، الذي حوى ما في المتقدم وزيادة كان جامعًا لقوى الحروف، فجعل جامعًا للأسماء مظهرها ومضمرها وجامعًا بين المفردات والجمل، فالواو والفاء عاطفان، والفاء رابطة جملة بجملة.
ولما كانت النون قريبة من الفيهة فهى أنفية، جعلت لجمع المؤنث ؛ / لأنه دون جمع المذكر، وثنى العينين والشفتين؛ لأن العينين هما ربيئة القلب، وليس من الأعضاء أشد ارتباطًا بالقلب من العينين؛ ولهذا جمع بينهما في قوله :﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ ﴾ [ الأنعام : ١١٠ ]، ﴿ تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [ النور : ٣٧ ]، ﴿ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ ﴾ [ الأحزاب : ١٠ ]، ﴿ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌِ ﴾ [ النازعات : ٨، ٩ ]، ولأن كليهما له النظر، فنظر القلب الظاهر بالعينين والباطن به وحده، وكذلك اللسان هو الذكر والشفتان أنثاه.


الصفحة التالية
Icon