وهي آية الكرسي، كما ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ قال لأبي بن كعب :( يا أبا المنذر، أتدري أي آية في كتاب الله معك أعظم ؟ ) فقال :﴿ اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [ البقرة : ٥٥٢ ]، فقال :( لِيَهْنِكَ العلم، أبا المنذر ! ).
وهنا افتتحها بقوله :﴿ اللّهُ ﴾، وهو أعظم من قوله :﴿ ربك ﴾ ولهذا افتتح به أعظم سورة في القرآن فقال :﴿ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [ الفاتحة : ٢ ].
وقال :﴿ اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾، إذا كان المشركون قد اتخذوا إلهًا غيره وإن قالوا بأنه الخالق. ففي قوله :﴿ خَلَقَ ﴾ لم يذكر نفي خالق آخر إذ كان ذلك معلومًا. فلم يثبت أحد من الناس خالقًا آخر مطلقًا خلق كل شيء وخلق الإنسان وغيره، بخلاف الإلهية.
قال تعالى :﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ [ الأنبياء : ٦٨ ]، وقال تعالى :﴿ وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ﴾ [ ص : ٦ ]، وقال تعالى :﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [ الأنعام : ١٩ ]، وقال تعالى :﴿ قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ﴾ [ الإسراء : ٤٢ ].
فابتغوا معه آلهة أخري، ولم يثبتوا معه خالقًا آخر.
فقال في أعظم الآيات :﴿ اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾. ذكره في ثلاثة مواضع من القرآن، كل موضع فيه أحد أصول الدين الثلاثة؛ وهي التوحيد، والرسل، والآخرة.